نرى بعض المصلين يحرص على تغيير مكانه إذا أراد صلاة النافلة بعد الفريضة ، فهل لهذا الفعل من أصل ؟
نعم لهذا الفعل أصل في السنة
جاء في نيل الأوطار للعلامة الشوكاني رحمه الله قوله :.... وَالْعِلَّة فِي ذَلِكَ تَكْثِير مَوَاضِع الْعِبَادَة كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالْبَغَوِيِّ لِأَنَّ مَوَاضِع السُّجُود تَشْهَد لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } أَيْ تُخْبِر بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا .
وَوَرَدَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ } " إنَّ الْمُؤْمِن إذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ مُصَلَّاهُ مِنْ الْأَرْض وَمِصْعَدُ عَمَلِهِ مِنْ السَّمَاءِ " وَهَذِهِ الْعِلَّة تَقْتَضِي أَيْضًا أَنْ يَنْتَقِل إلَى الْفَرْض مِنْ مَوْضِع نَفْلِهِ ، وَأَنْ يَنْتَقِل لِكُلِّ صَلَاة يَفْتَتِحهَا مِنْ أَفْرَاد النَّوَافِل ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِل فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِل بِالْكَلَامِ لِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ أَنْ تُوصَل صَلَاة بِصَلَاةٍ حَتَّى يَتَكَلَّم الْمُصَلِّي أَوْ يَخْرُج .اهـ .
و من باب تمييز العبادات بعضها عن بعض
فتُميّـز الفرائض عن النوافل
وقد روى مسلم في صحيحه عن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابنِ أختِ نَمِر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال : نعم .صليت معه الجمعة في المقصورة ، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصلّيت ، فلما دخل أرسل إلي فقال : لا تعد لما فعلت . إذا صليت الجمعة فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تكلّم أو تخرج ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ، أن لا تُوصلَ صلاةٌ بصلاة حتى نتكلم أو نخرج .
وقال عليه الصلاة والسلام : أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله . يعنى السبحة . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وهذا الفصل بين الفرائض والنوافل ليس مختصاً بالصلاة وحدها ، فقد جاء مثله في الصيام
فصيام رمضان لا يُوصل بصيام شعبان ، ولا بصيام شوال
قال صلى الله عليه وسلم : لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين ، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه . رواه البخاري ومسلم .
ويحرم صوم يوم العيد
وبهذا يكون المسلم يُميّز الفريضة عن النافلة
ومن هنا يُعلم خطأ أولئك الذين إذا سلّم الإمام نهضوا سراعاً لأداء النافلة
وإذا فصل بين الفريضة والنافلة فإنه لا يتكلّف في ذلك ، بحيث يشقّ على من كان بجواره ليُقيمه من مكانه ليُغيّر مكانه هو ، أو يُحرّك مصلياً من أجل أن يُغيّر مكانه .
فقد جاء في حديث معاوية – المتقدّم – :
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ، أن لا تُوصلَ صلاةٌ بصلاة حتى نتكلم أو نخرج .
فإذا تكلّم بعد الفريضة فإنه لا يكون قد وصل صلاة بصلاة أخرى ، ومنه التسبيح والاذكار .
ولا شكّ أن الأفضل صلاة النافلة في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم : فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة . رواه البخاري ومسلم .
المصادر :
1- فتاوى الشيخ العثيمين المجلد الرابع عشر .
2- فتاوى اركان الاسلام كتاب الصلاة الشيخ العثيمين